بعد نضال طويل دام عشر سنوات من اجل منح تصريح لبقاء عائلة فلسطينية في القدس، حكمت محكمة العدل العليا في 9 ديسمبر 2018، بمنح الأب والأم وأولادهما المقيمين في جبل المكبر، تصريحًا بالبقاء في القدس، وفقًا لقرار حكومي صادر في عام 2007.

 

خلفية

وُلد المستأنف في عام 1955 في السواحرة، وهي قرية بدوية في شرقي القدس، تقع في الجزء الغربي من القرية حيث يُطبق قانون إسرائيل منذ عام 1967. وكانت عائلة المستأنف تعيش أولاً في الكهوف والخيام في منطقة القرية، الواقعة على خط الالتماس بين شرق القدس والضفة الغربية، وبعدها قامت ببناء منزلاً دائماً.  وقد عمل والد المستأنف في منطقة الضفة الغربية، وبالتالي تم تسجيل المستأنف – الذي كان قاصرا في ذلك الوقت – تلقائيًا في سجل السكان هناك باعتباره مقيمًا في مناطق الضفة الغربية في حين وأنه، منذ أوائل السبعينيات، يقع منزل العائلة في مدينة القدس.

في عام 1976، تزوج المستأنف زوجته الأولى (الآن طليقته)، وهي مواطنه أردنية، وقد قام في حينها ببناء منزله بجوار منزل والده.
في عام 1995، انفصل المستأنف عن زوجته الأولى وتزوج من المستأنفة معه في هذا الملف، وقد أنجب منها طفلين. حصل الأطفال على مكانه مقيمين في السلطة الفلسطينية بحسب الوالدين. وطلق المستأنف زوجته الأولى رسميًا فقط في عام 2003، في حكم من المحكمة الشرعية. أمّا زوجته السابقة، وبما ان معظم أفراد عائلتها متواجدين في الأردن، بقيت مستقرة في شقة منفردة في الطابق الأول من منزل المستأنف – في حين ان المستأنف وزوجته الثانية وأولاده يعيشون في الطابق الثاني.

وُلدت المستأنفة عام 1958، في حي الجبل المبكر في شرقي القدس، باستثناء الفترة التي لم تكن فيها هي وعائلتها في المنزل خلال حرب عام 1967. هي أيضا مسجلة في سجل سكان الضفة الغربية. عملت المستأنفة في مستشفى الهلال الأحمر في شرقي القدس من عام 1977 حتى عام 1997، بدأت أولاً كمساعده ولاحقاً كممرضه. وعاشت منذ عام 1977 في مسكن المستشفى حتى زواجها من المستأنف.

 

طلب تنظيم حالة أفراد الأسرة:

على مر السنين، قدم المستأنفون عدة طلبات للمدعى عليه لتنظيم وضعيتهم، والتي لم يتم قبولها. في عام 2008، قدم جميع افراد العائلة المستأنفين طلبًا لتنظيم وضعيتهم وفقًا لقرار الحكومة 2492 (“التنظيم 87”). ينص هذا القرار على ما يلي:

“سكان يهودا والسامرة المقيمين المسجلين والذين يعيشون في يهودا والسامرة، بشكل غير قانوني، في شرقي القدس، بشكل متواصل منذ عام 1987 وحتى تاريخ تقديم طلبهم وفقًا لهذا القرار، وذلك بعد بناء الجدار الفاصل في منطقة القدس، الذي أدى لتضرر نسيج الحياة بشكل كبير، من حيث صعوبة وجود علاقات مع مناطق يهودا والسامرة، فلوزير الداخلية صلاحيه بالموافقة على استمرار إقامته في شرقي القدس، وفقًا لتصريح مؤقت مُنح من قبل قائد قوات جيش الدفاع الإسرائيلي في يهودا والسامرة، مع الأخذ بعين الاعتبار الظروف الشخصية …

وفقاً لذلك يعطى التصريح ويجدد أيضا للطفل القاصر لكل من طلب وتمت الموافقة على طلبه بموجب هذا القرار.” لا يمكن تقديم الطلبات بموجب هذا القرار إلا بحلول بداية عام 2008.

 

في 19 مارس / آذار 2013، أعلنت وزارة الداخلية رفضًا لمنح الموافقة، كما تم رفض الاستئناف المقدم. وبما يتعلق بالمستأنف، قررت وزارة الداخلية أنه وفقا لظروفه لا يوجد مكان لمنحه تصريح بالبقاء، لأنه متعدد الزوجات وهذا يتعارض مع قوانين دولة إسرائيل. ووفقاً لوزارة الداخلية، فإن طلاق المستأنف من زوجته الأولى كان فقط وهميًا، ولا يعكس الحالة الحقيقية – وجود أسرة مع امرأتين.
فيما يتعلق بالمستأنفة، تم رفض طلبها لأن حسب بند 87 يتطلب إثبات وجود مركز حياة في إسرائيل منذ عام 1987 وبحسب ذلك هي لم تكن متواجدة هنا، هذا لأنه، وفقاً لوزارة الداخلية، عاشت فعليًا في منزل والديها خارج حدود المدينة. وفي ضوء هذه القرارات، رفضت وزارة الداخلية أيضاً طلبات الحصول على تصريح لأولادهم.

قدم المستأنفون التماسًا ضد قرار وزارة الداخلية، لكن محكمة الشؤون الإدارية في القدس (القاضي د. مينتز) رفضت الالتماس في 12 مايو 2015، ورأى أن قرارات المستجيب كانت معقولة في ظل هذه الظروف.

wall-pic-yotam

الاستئناف لمحكمه العدل العليا

 

قدم المستأنفون التمسًا للمحكمة العليا. استمرت جلسات الاستئناف لمدة ثلاث سنوات وشملت ثلاث جلسات استماع.
في نهاية الجلسة الأولى، وبعد تعليقات المحكمة العليا، وافقت وزارة الداخلية على إعادة النظر في قضية المستأنفة. عقدت جلسة أخرى بعد أن تزودت المستأنفة بوثائق من وزارة الداخلية والتي تدل على أن المستأنفة عاشت في القدس على الأقل منذ عام1987 . ونتيجة لذلك، أعلنت وزارة الداخلية أنه تقرر منح المستأنفة واولادها وتصاريح لاقامة مؤقتة.

تجدر الإشارة إلى أن التصاريح الممنوحة للمستأنفة وأطفالها تقتصر فقط على المنطقة المحيطة لإقامتهم (تنص تصاريحهم: أن حامل التصريح يمكن ان يبقى في” جنوب القدس “). ادعت المستأنفة أنه حسب بند 87 يمكن إعطاء إذن لأي منطقة في القدس الشرقية وخارجها، والترسيم الفعلي للتصريح يحد بشدة من تحركات حياه المستأنفين. ادعت وزارة الداخلية أن التنظيم هو على سبيل الهبة، ويهدف إلى إتاحة الفرصة لحياة طبيعية في نفس المنطقة وعدم خلق روابط مع مناطق أخرى من إسرائيل.  في جلسة الاستماع الثانية أوصت المحكمة لوزارة الداخلية إعادة النظر في هذه المسألة، في هذه الحالة، أعلنت اخيراً وزارة الداخلية أنه بعد العمل المكثف تقرر توحيد المناطق الجغرافية، لكي يتاح البقاء لجميع حاملي التصاريح حسب بند 87 الإرادة، في كل اجزاء القدس الشرقية.

لكن بقي من الضروري مناقشة مسألة تصريح المستأنف، الذي رُفض طلبه بسبب ادعاء تعدد الزوجات. كان هذا هو محور الجلسة الثالثة أمام المحكمة العليا. قدم المستأنف ملف في هذا الصدد من عامله اجتماعيه أخصائية من دائرة الرعاية في بلديه القدس، التقت العاملة الاجتماعية كل منهن على انفراد (زوجه المستأنف الحالية، وزوجته السابقة)، وقد اتم الإقرار من قبلها ان المستأنف لديه حياه منفصلة كليًا عن زوجته السابقة وانه لا يتواصل معها بتاتاً. ومع ذلك، وجدت المحكمة المركزية تناقضا طفيفًا بين أقوال الامرأتين، وعلى هذا الأساس قررت عدم إعطاء أي اعتبار لرأي العاملة الاجتماعية. كذلك تجاهلت المحكمة المركزية الحكم القائل بضرورة احترام حكم المحكمة الشرعية ما لم تكن هناك أدلة دامغة تتعارض معها. كما أن المحكمة تجاهلت جلسات بيانات واضحة للمستأنفين التي عقدت في وزارة الداخلية، وهذا ما يشير بوضوح الى ان زوجته السابقة للمستأنف ليست جزءا من وحدة الأسرة.

في ضوء هذه الاحداث غيرت المحكمة العليا الإجراءات بأكملها، وفي نطاق الحكم من تاريخ 2018/9/12، غيرت المحكمة العليا مسار القرار التي توصلت إليها المحكمة المركزية بشأن تعدد الزوجات وأضافت أن استناد المستأنف على حاجته للمعيشة في شرقي القدس وليس على العلاقات الشخصية والاتصال بالأسرة، فان الاخذ بعيين الاعتبار موضوع تعدد الزوجات لا يمكن أن يكون عاملا حاسما.